أموريم آخر الضحايا.. اليونايتد تحت أسر كلمات مورينيو التاريخية
مانشستر يونايتد يتجه تدريجيا نحو السقوط الحر منذ 2013، العام الذي انفصل فيه عن أيقونته، الأسطورة الاسكتلندية السير أليكس فيرجسون.
كانت تلك اللحظة الحاسمة التي جعلت الجميع عاجزين عن اكتشاف السر الذي أسقط الشياطين الحمر من قمة أندية أوروبا والدوري الإنجليزي الممتاز، إلى فضاء كئيب يكتنفه الفوضى، حيث لا يميزهم شيء عن أندية الظل سوى قميصهم الأحمر التاريخي وجذورهم العميقة في الماضي المشرق!
حاول يونايتد مداواة جراحه كثيرا، وتوجه بعقلية ملاكه "الرأسماليين الخالصين" إلى أسماء رنانة على أمل بناء هوية سريعة تضاهي ولو لمحات قليلة من زمن فيرجسون، فجاء ديفيد مويس، ولويس فان جال، ثم مورينيو، الذي كان الحل السريع للحفاظ على بريق الشياطين الحمر.
مع مرور الوقت، تغيرت حالة مورينيو من التفاؤل إلى الملل من سلوك الإدارة وفشلها المستمر، على الرغم من أنه حقق أقصى ما يمكن بالإمكانات المتاحة له، لذلك رحل!
وقال البرتغالي لاحقا: "إن أعظم إنجازاتي مع مانشستر يونايتد كان احتلال المركز الثاني في الدوري"، وهو ما اعتبره البعض غطرسته المعتادة.
ولكن بالنظر إلى الرحلة المتعرجة التي قطعها الفريق منذ ذلك الحين، فإن كلمات "الخاص" تبدو صحيحة كحقيقة دامغة لا تزال تسبب الحرج لمسؤولي النادي، بغض النظر عن اختلافاتهم.
خسر يونايتد أمام توتنهام 0-1 مساء الأحد، وأصبح الآن في المركز الخامس عشر في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد 25 جولة.
لو كان وضع الفرق في المراكز الثلاثة الأخيرة أفضل مما هو عليه الآن، لكان "الشياطين الحمر" قد دخلوا في دوامة هبوطية، وهناك عدة أسباب لذلك.
منذ رحيل مورينيو عن مانشستر يونايتد في ديسمبر 2018، تولى تدريب الفريق 7 مدربين، لم يتمكن أي منهم من الوصول إلى منصة التتويج باستثناء مرتين تحت قيادة الهولندي إريك تين هاج في كأس الرابطة 2023 وكأس الاتحاد الإنجليزي 2024.
احتل يونايتد المركز الثاني في الدوري الإنجليزي الممتاز مرة واحدة منذ رحيل مورينيو، في عهد النرويجي أولي جونار سولشاير.
اعتقد البعض أن الفريق وصل إلى الحضيض باحتلاله المركز الثامن الموسم الماضي، قبل أن يغيروا رأيهم بناءً على نتائج الموسم الحالي.
ومن المعروف أن يونايتد أبرم العديد من الصفقات منذ رحيل مورينيو، الذي كان يجد صعوبة في تحقيق رغباته في الميركاتو، كما كرر ذلك مرارًا وتكرارًا بعد رحيله.
دفع النادي مبالغ ضخمة للتعاقد مع لاعبين أضافوا فقط إلى أرصدته المالية.
من ناحية أخرى، كان التغيير المستمر للمدربين عاملًا سلبيًا، أفسد تكيف اللاعبين واستقرارهم على أسلوب فني معين، فتعثر الفريق في سلم الترتيب من موسم إلى آخر.
انتهى الموسم الماضي بحالة من الارتباك داخل الإدارة التي كانت حائرة في تحديد مصير تين هاج ودخلت في مفاوضات مع عدة مدربين لخلافته، أشهرهم توماس توخيل الذي رفض العرض، مما زاد من التوتر داخل الفريق، ثم قرروا التجديد للهولندي لمدة عام.
ومع تدهور النتائج في بداية الموسم الجاري، تخلى يونايتد عن تين هاج ووجد ما كان يبحث عنه في البرتغالي روبن أموريم، استناداً إلى نجاحاته مع سبورتنج لشبونة، وهو ما رفع آمال جماهير يونايتد بسبب صرامة المدرب الجديد وأسلوبه الفني الهجومي الجريء إلى حد ما.
لكن الأجواء في أولد ترافورد سرعان ما أظلمت من جديد، وتحول أموريم تدريجياً من المنقذ البطل إلى المتهم المذنب، وحمله البعض مسؤولية تدهور النتائج في الآونة الأخيرة، خاصة مع إصراره على أسلوب لعب واحد، قد يستغرق التعود عليه وقتاً طويلاً.
ويعتمد أموريم على طريقة 3-4-2-1، حيث يفضل اللعب بخط دفاعي مكون من ثلاثة لاعبين، ولاعبين في وسط الملعب، ولاعبين في مركز الظهير الأيسر، يكلفهما بالقيام بأدوار هجومية أكبر، لمساعدة الجناحين على منح الفريق بعض الزخم الهجومي حول منطقة الجزاء.
لكن يبدو أن المدرب البرتغالي مرتبك حتى الآن بشأن استثمار الأدوات المتاحة أمامه لتنفيذ أفكاره.
في البداية، استخدم مواطنه قائد الفريق برونو فرنانديز كجناح أيسر يتحرك للعمق، واستخدمه أحيانًا في دور المهاجم الكاذب، مع مرونة في التحرك نحو الأجنحة، وفشلت الفكرة.
مع مرور الوقت، اكتشف أموريم أن لاعب الوسط كوبي ماينوو يمكنه اللعب كصانع ألعاب (10)، مما أدى إلى تغيير الطريقة إلى 3-4-1-2، مع عودة فرنانديز إلى خط الوسط.
لكنه اصطدم بالأداء الضعيف للمهاجمين، وخاصة الثنائي راسموس هوجلوند وجوشوا زيركزي، على الرغم من ظهور النجم المصاب حاليًا عماد ديالو إلى جانب أليخاندرو جارناتشو.
قد تكون الخسارة أمس أمام توتنهام (0-1) مبررة، بسبب غياب مجموعة كبيرة من اللاعبين بسبب الإصابة، وخاصة في خط الوسط.
لكن قرار الاستغناء عن ماركوس راشفورد في سوق الانتقالات الشتوية أصبح محل تساؤل في ظل الثغرات الواضحة في قائمة الفريق الحالية!
وبغض النظر عن ثقة إدارة اليونايتد في أموريم، فإن المدرب البرتغالي مطالب الآن بإيجاد حلول أكثر فعالية لمنح مانشستر يونايتد هوية فنية واضحة، حتى يهدأ صخب الجماهير وتتحول مشاعرهم من الغضب إلى الصبر.
وبشكل أدق، يحتاج الشياطين الحمر إلى بعض الثقة للوقوف على أرض صلبة نسبيًا، قبل الميركاتو الصيفي المقبل، والذي يجب إدارته بعقلية مختلفة لتجنب السقوط يومًا ما من ذاكرة الدوري الإنجليزي الممتاز!
لا تقرأ وترحل اترك بصمتك في تعليق